خلق عالم أكثر سعادة

خلق عالم أكثر سعادة

يربط بعض الناس السعادة بتحقيق الرغبات، بينما يربطها آخرون بتحقيق الأهداف. يختلف معنى السعادة من شخص لآخر. فإذا شعر شخص ما بالسعادة عند شرائه سيارة فاخرة مثلا، ليس من الضروري أن يجلب نفس الشيء السعادة للآخرين. وهذا الاختلاف مفهوم تمامًا، ولكنه للأسف يجعل الشعور بالسعادة شعورا مشروطاً، فهو يعتمد دائمًا على شيء ما ليحدث حتى نمنح أنفسنا الإذن للشعور بالسعادة.

الحقيقة هي أنه بغض النظر عن السبب الخارجي السعادة ستأتي دائمًا من الداخل. عندما نحس بالسلام الداخلي، يمكننا التعامل مع أي موقف وأن نطلب من عقولنا إرسال نبضات كهربائية للسعادة إلى كافة أعضائنا الحيوية حتى عندما لا نحصل على ما نريد. وسنقوم عندها بإطلاق الطاقة الإيجابية، وسيشعر بها الأشخاص المحيطون بنا. السعادة معدية، فعندما نكون سعداء حقًا، لدينا القدرة على نشر السعادة في كل مكان حولنا. ويستمر هذا التموج في الازدياد حتى يقوم بإنتاج عالم أكثر سعادة.

إن أنماط الحياة والعقليات الحالية ذات نمط سريع وتبني جدرانًا ضخمة بين الناس. جدران الإجراءات الرسمية، والبروتوكولات، والطبقية، وارتداء الأقنعة الاجتماعية التي لا تسمح بالاتصال الحقيقي، مما يقودنا إلى عيش حياة مرهقة. ويصبح من الصعب التعامل مع المواقف العصيبة، مما يؤدي إلى علاقات غير صحية، ويؤثر علينا نفسيا وجسديا وعاطفيا. فنصبح بشرا غير سعداء.

نحن بحاجة إلى إيلاء اهتمام إضافي لعوالمنا الداخلية، لفهم ما يحدث بداخلنا كل لحظة وفي كل يوم، والعمل على تحسينه، والتحرر من التجارب الصادمة السابقة، وبناء حياة مستقلة والاستعداد للتواصل بحب. وبدلاً من البحث إلى الأبد عن الشريك المثالي الذي يتطابق مع قائمة الصفات المثالية، من الأهمية بمكان العثور على شريك جاهز وسعيد والتواصل معه بحب.

وعندما أقول جاهزًا، فأنا لا أعني فقط ماديًا أو جسديا، ولكن أعني أيضًا عاطفياً ونفسياً وروحيا، حتى يتمكنوا معا من توفير بيئة مثالية لأطفالهم لينموا ويصبحوا أشخاصا سعداء وأصحاء في المجتمع، ويمكنهم نشر الحب في جميع أنحاء العالم. إذا التقى شخصان، واستمرا في حمل كافة التجارب المؤلمة التي مروا بها منذ الطفولة حتى لحظة زواجهم وجلبها معهم إلى ذلك الزواج، فلن يتمكنوا من توفير البيئة المناسبة لعلاقتهم لتزدهر، أو لأطفالهم لينموا ويصبحوا مساهمين سعداء في العالم.

الخبر السار هو أن كل سحابة مظلمة لها جانب مضيء. فمن بين كافة الضغوطات والقلق، يمكننا دائمًا إيجاد طرق لنصبح خاليين من التوتر وسعداء في الحياة. أوصي بشدة بهذه النصائح المهمة لمساعدتنا على أن نصبح بشرًا أكثر سعادة:

ê     قهر التفكير السلبي

الطبيعة البشرية تقوم بإعطاء وزن أكبر في أدمغتنا للأفكار السلبية أكثر من الأفكار الإيجابية. حيث يمكن لحدث سلبي واحد أن يخطف عقولنا ويؤثر على عملنا وصحتنا وعلاقاتنا بشكل سلبي إذا لم يتم احتواؤه والتعامل معه بالحب والقبول، مع تطبيق التجربة الصحيحة لإيجاد الحلول الحكيمة. نحتاج إلى بذل جهود واعية للتوقف عن الإفراط في التفكير والنظر إلى كل تجربة سلبية كفرصة للنمو والتطور، من خلال التدبر أولاً وسؤال أنفسنا: “ما هي الرسالة التي تصلني من هذا الحدث والتي يتم إرسالها إليّ بحب؟” ومن ثم التصرف وفقًا لذلك.

ê     تدرب على التفاؤل

يستغرق تكوين العادة 21 يومًا و90 يومًا لجعلها أسلوب حياة دائم. عندما نقوم بالأشياء بشكل روتيني، تضطر عقولنا إلى إعادة برمجة نفسها. للعثور على سعادة طويلة الأمد، نحتاج إلى تدريب أدمغتنا على التغيير من العقلية السلبية إلى العقلية الإيجابية. قم بترديد العديد من التوكيدات الإيجابية وابحث عن الأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك. اختر فكرة إيجابية كل يوم وحاول أن تعيشها طوال اليوم في جميع جوانب حياتك. كرر هذه العملية لمدة 90 يومًا. سترى كيف سيتحول عقلك وستبدأ في ملاحظة المزيد من الأشياء الإيجابية من حولك، حتى خلال اللحظات الصعبة.

ê     احتفل بالانتصارات الصغيرة

السعادة تكمن في الأشياء الصغيرة. قد يبدو هذا أمر بديهي أو مبتذل، لكنه يعمل بشكل جيد حقًا. تعلم كيفية الاستمتاع بالانتصارات الصغيرة، ودعوة أحبائك إلى منزلك، ومشاركة قصص نجاحك معهم. ستلاحظ التغيير من حولك من خلال رؤية كيف يستجيب الناس بشكل إيجابي لطاقتك النابضة بالحياة. وستبدأ في تطوير علاقات صحية مع محيطك.

ê     تقبل النقص في حياتك

الحياة ليست مثالية. بقدر ما نعرف هذا، ما زلنا ننسى ذلك عندما نصطدم بالواقع. نعتقد دائمًا أن العشب أكثر اخضرارًا على الجانب الآخر. حاول أن تضع نفسك في موقف الآخرين لتدرك أن كل شخص يواجه مشكلة خاصة به. قد تكون هناك بعض المواقف داخل نطاق سيطرتنا، ولكن ليس جميعها. حاول أن تتقبل العيوب الموجودة في حياتك. القوة الوحيدة التي تمتلكها هي بذل قصارى جهدك لتحسين الأمور.

ê     عش اللحظة

نحن كبشر نميل إلى التأرجح بين حالتين: الندم على الماضي أو القلق بشأن المستقبل. وننسى أن نعيش في الحاضر، ونتغاضى عن حقيقة أن الواقع هو ما نمر به هنا والآن. لا يمكننا إعادة كتابة الماضي، ومن المستحيل التنبؤ بالمستقبل. لذا، اتخذ قرارًا للعيش في الوقت الحالي وستبدأ في الحصول على تقدير أعمق لحياتك.

ê     بناء علاقات هادفة

يحتاج البشر دائمًا إلى التفاعل والتواصل مع أنفسهم ومع بعضهم البعض. دوّن اللحظات التي شعرت فيها بعلاقة أعمق مع ذاتك، وقم بكتابة الأنشطة التي ساعدتك على القيام بذلك ثم كررها باستمرار. كوّن قبيلتك الخاصة من الأشخاص الذين يفهمونك ويدعمونك ويحبونك. بدون علاقات ذات مغزى مع أنفسنا والآخرين نبدأ في الشعور بالانفصال والعيش في أراضينا المعزولة، الأمر الذي يتعارض مع الطبيعة البشرية. نشعر بسعادة أكبر عندما نتواصل ونشارك سعادتنا مع الآخرين. وخصوصا عندما نقوم بمشاركتها مع الأشخاص المناسبين فإنها تزداد دائمًا.

ê     قضاء بعض الوقت في الطبيعة

وفقًا لبعض البحوث، يعاني جيل اليوم من اضطراب عجز الطبيعة. أظهرت بعض الدراسات أن قضاء المزيد من الوقت في الطبيعة يمكن أن يساعدنا على الارتباط بالعالم من حولنا. سيساعدنا ارتباطنا بالطبيعة على الاحتفاظ بحالة ذهنية إيجابية؛ ومن ثم مساعدتنا في تكوين عالم إيجابي من حولنا.

الحياة مثل الدورة كل شيء فيها يؤثر على الآخر. يمكن أن تساعدنا هذه النصائح في أن نصبح أفرادًا أكثر سعادة. عندما نشع طاقة إيجابية، فإننا نجتذب الأفضل لأنفسنا. حيث تتحسن علاقاتنا بأنفسنا وبالآخرين، وينمو أطفالنا في بيئة إيجابية وصحية، وينتقل هذا الحب إلى العالم كله من حولنا. سيعكس الناس لنا نفس الطاقة الإيجابية التي نرسلها لهم.

Leave A Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *