هزيمة الصراعات
تحدث الخلافات في جميع أنواع العلاقات، سواء كانت بين الوالدين والطفل؛ أو بين أخ وأخت؛ أو زوج وزوجة؛ أو علاقة بين أصدقاء أو زملاء. هناك دائمًا مجال للخلاف، بسبب اختلاف الآراء والمعتقدات والشخصيات والقيم والأذواق. يمكن أن يؤدي وجود وجهات نظر متعارضة إلى إثارة الخلاف بسهولة. إن وجود صراعات في أي علاقة أمر صحي وطبيعي، إذا استخدمناها كفرص للتعرف على أنفسنا والأشخاص الذين نحن في علاقة معهم واعتبرناها بوابة الأحلام لتعميق العلاقة وتقويتها.
ومع ذلك، فإن آليات المواجهة الشائعة والمتمثلة في إلقاء اللوم والدفاع والاسترضاء وكونك عقلانيًا للغاية والتي يتبعها الناس في نزاعاتهم المتكررة لها تأثير سام على العلاقة. تتطلب النزاعات النضج والشعور بالأمان الذاتي من أجل القيام باستجابات صحية عند حدوثها وإيجاد حلول مثمرة ترضي الجميع.
يبدأ الناس علاقاتهم بمجموعة من التوقعات الشخصية. عندما لا يتم تلبية هذه التوقعات، تحدث الصراعات. تأتي هذه التوقعات من التجارب السابقة منذ الطفولة أو من العلاقات السابقة. إن جذور تلك التوقعات هو حاجة الأفراد الطبيعية للقبول، والمحبة، والحصول على التقدير. لكن هذه الحاجة تشوهها المعاني المختلفة التي يعطيها الناس لها.
في حين أن الحب قد يعني لشخص معين قضاء وقت ممتع مع من يحبهم، فقد يرى الشخص الآخر أن الحب والعناية يكمنان في شراء الكثير من الهدايا وليس بالضرورة قضاء الكثير من الوقت مع الأشخاص الذين يحبونهم. عندما لا يتم إرضاء المعنى الذي يعطيه كل شخص للحب، ولا يتم تلبية توقعاتهم من الشخص الآخر، يتأثر توقهم إلى أن يكونوا محبوبين، مما يؤثر سلبا على إحساسهم بالقيمة الذاتية وينشط استجابة القتال أو الفرار أو التجميد لديهم. ويصبح العثور على حل للمشكلة أكثر صعوبة.
من المهم أن يدرك شريكي الحياة أن آليات المواجهة غير الصحية للنزاعات المستمرة يمكن أن تقضي على الثقة والاحترام في علاقتهما. الأمر الذي يصعّب عليهما التعايش السلمي معا. هذا يمكن أن يؤدي إلى انكسار قلبيهما أو الانفصال أو الطلاق.
سنستكشف معًا كيفية التوقف عن رؤية الصراع كتهديد، والبدء في النظر إليه كفرصة للنمو وتعميق علاقاتنا، من خلال القيام بما يلي:
- لا تحولوا كل تل صغير إلى جبل كبير
تجنب تحويل كل موقف إلى ساحة معركة. لا تحتاج حقًا إلى تحويل كل خلاف إلى جدال. أظهر المرونة في صراعاتك وحلل ما إذا كان الموقف الذي أثارك يستحق القتال من أجله. يمكن أن يؤدي الخلاف حول كل اختلاف في وجهات النظر إلى جعل شريكك أقل اهتمامًا بالاستثمار في العلاقة.
- مارس مهارة التقبل
كلما تقبلنا أنفسنا بالطريقة التي نحن عليها، زادت قدرتنا على تقبل الآخرين كما هم. وإذا سمحنا لشخص ما بالدخول إلى حياتنا، فعلينا أن نفهم أنه سيأتي حاملا معه آرائه وتصوراته للحياة. تذكر أن شريكك يأتي من خلفية مختلفة، بغض النظر عن مدى تشابه الثقافات أو المعتقدات التي تعتقد أنها موجودة عند كليكما، سيظل هو/ هي شخصًا آخر، وليس أنت، ولم يعش حياتك أبدًا. تدرب على شرح وجهة نظرك عن العالم عند ظهور الخلافات والاستماع إلى آراء شريكك. إذا لم يتوصل كل منكما إلى أرضية مشتركة – تقبلوا كونكما مختلفين وامضوا قدمًا معًا!
- التحلي بالصبر
ليس من الحكمة أبدًا إعطاء رد فوري. أعلم أنه من الصعب إسكات غرورك وسط الجدل ولكن استمر في إخبار نفسك بالتوقف والعثور على وقت أفضل لإعادة النظر في المناقشة عندما لا يكون التوتر مرتفعًا. سيساعد هذا على تهدئة الغيمة وسيجعلك أنت وشريكك ترون صورة أوضح للموقف. بعد ذلك، اسأل شريكك عندما يكون مستعدًا للجلوس معك ومناقشة الأمر.
- إدارة توقعاتك
أنا لا أعني إخبارك أنه يجب أن تتوقع أقل أو أكثر، ولكن بدلاً من ذلك يجب أن تدرك أن شريكك قد يكون لديه توقعات مختلفة عنك. لا تفترض أنك وشريكك ستكونان على وفاق في توقعاتكما كل مرة. نشّط تعاطفك وحاول إجراء مناقشة قبل طرح احتياجاتك. سيساعدك هذا على تقييم ما إذا كان الوقت مناسبًا للمطالبة بتلبية توقعاتك أم لا.
- البحث عن معنى أعمق
قد تبدو بعض الصراعات غير مهمة ولا قيمة لها. لكن هناك دائمًا معنى أعمق وراءها. حاول أن تفهم سبب حدوثها. تعمق للتعرف على مخاوف وشكاوى كل واحد منكما. يعد البحث العميق عما يتوق له كل شخص خطوة مهمة في تحسين العلاقة. إذا كان شريكك غير راغب أو غير مستعد بعد للتعمق معك. على الأقل انظر إلى أعماق نفسك.
- الرغبة في الانسجام
أهم شيء عند حدوث أي صراع هو السعي لتحقيق الانسجام والبحث عما يخدم العلاقة. لا تنس أن كلاكما اجتمعا لأنكما تحبان وتقدران بعضكما البعض. اعلم أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وأنه يمكنكما أن تكونا مختلفين وكل واحد منكما يحترم ويحب الآخر بطريقته. أحيانًا يؤدي التخلي عن بعض الأشياء إلى حث شريكك على احترام آرائك وتقديرها أكثر. وستكونان قادرين على تطوير علاقة سلمية ومحبة معًا.
توقع أنك ستواجه تجارب ترضيك وأخرى لن تكون راض عنها تماما مع الذين أنت في علاقة معهم. وجود هذا الفهم سيساعدك على التسامح. تذكر أن المسامحة لا تتعلق فقط بالحفاظ على الانسجام في علاقتك؛ إنه يتعلق أيضًا بأن تكون لطيفًا مع نفسك من خلال مسامحة أخطائك. تعلم من اختلافك عن الآخرين. سوف يساعدك ذلك على النمو كشريك حياة وشخص في المجتمع. اعتز بالعلاقة على أنها اتحاد بين شخصين. وتفهم أن الأزواج يميلون إلى تكرار أنماطهم القديمة؛ واتخاذ خطوات واعية للتراجع عن هذه الأنماط سيمنحك فرصة لخلق طريقة جديدة وأكثر صحة للتواصل.